في بلاد العم سام القتل علي اساس الهوية مازال مستمر. بقلم /كريبسو ديالو






في الوقت الذي يسير فيه المئات من الامريكان (البيض)  مسلحين ومقنعيين يرتدون بدلات "مموهة" عسكرية عليها إشارات ال kkk  (كو كلوكس كلان)، وآخرين يضعون قبعات تحمل شعارا مؤيدة لترامب (MAGA) ،ويتشاركوا في رفع العلم الكونفدرالي المعروف رمزيته العنصرية ( علم جيش الجنوب الذي كان يدعم العبودية والفصل العنصري الصارم وتطوير هوية ثقافية وسياسية مميزة للبيض إبان الحرب الأهلية الأميركية، منذ حقبتي الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين الي وقتنا هذا، أصبح هذا معروف شعبيًا كراية لدعاة الفصل العنصري الذين يعارضون حركة الحقوق المدنية المتنامية للأميركيين الأفارقة) دعمآ لإجراءات ترامب ودعاوي اليمين المحافظ من أجل عودة الحياة الاقتصادية  في الولايات الأمريكية، برغم أن هؤلاء انتهكوا قواعد الإغلاق الخاصة بالبقاء في المنزل وعدم التجمع، ورفع فوهات الأسلحة بحرية، لم تعتقل الشرطة الأمريكية فرد واحد منهم. في المقابل السلطات الأمريكية في امكانها أن تبرئ شرطي أو تتغاضي عن اعتقال شخص أبيض يقتل شاب/ة من أصول أفريقية لمجرد أنه لونه/م أسود.

في شهر فبراير بولاية جورجيا الأمريكية قتل شاب ذو أصول أفريقية "أعزل" يدعي "احمد أربيري" وهي يمارس تمريناته الرياضية المعتادة كل يوم في الصباح، علي يد رجلان من أصحاب البشرة البيضاء وهما ترافيس ماكمايكل البالغ من العمر 34 عاما ووالده غريغروي ماكمايكل "شرطي سابق" ، ظنآ في "أربيري" بانه سارق اقتحم منزلهم.

على الرغم من أن سلطات الولاية كانت بحوزتها فيديو يدين الرجلان البيض بقتل هذا الشاب الأعزل ، لكن لم تستمع إلى نداءات والدي أربيري من أجل العدالة. رفضت شرطة المقاطعة اصدار مذكرة اعتقال للاب والابن. لم يكن مكتب التحقيقات في جورجيا مهتمًا. كان المدعي العام للدولة صامتًا.  ولم يقل الحاكم بريان كيمب كلمة واحدة. حتي تم تسريب المقطع من عدة أيام علي وسائل تواصل الاجتماعي، بشكل آثار ضجة أرغمت سلطات الولاية اعتقال المجرمين.


ولايات الجنوب تشتهر بارثها العنصري منذ ايام الحرب الاهلية الي بعد فترة النضال من أجل الحقوق المدنية في الستينيات،في نفس ولاية جورجيا. في عام 2017 تم اعتقال خمسة من البيض بينهم اثنان من ضباط اتهموا بإعاقة التحقيق في جريمة قتل شاب أسود يدعي Timothy Coggins  تم طعنه عدة مرات بسبب مواعدته لفتاة بيضاء عام 1983 بعد أكثر من ثلاثين عاما ظهر تواطئ رجال الشرطة في تبرئة المتهمين. لكن أبرز مظاهر الاستهداف الممنهج، للأمريكان ذو أصل أفريقي، ليس في الجنوب فقط أو  علي يد أعضاء الحركات العنصرية في الجنوب ولكن هناك استهداف يتمثل في تعامل الشرطة مع السود، إذ قتل رجال الشرطة الأميركية في عام 2018 أكثر من 25% من الأمريكيين من أصل أفريقي، في عام 2017 وفقاً لمسح mapping police violence خريطة مراقبة العنف الشرطي، الذي أجرته حركة (The Protesters) المناهضة للعنصرية و وحشية الشرطة، تم جمع مصادر البيانات عبر  Fatal Encounters.org وقاعدة بيانات Killed by Police.net إضافة إلى إجراءات البحث الشامل في وسائل الإعلام الاجتماعية، وإعلانات النعي، وقواعد بيانات السجلات الجنائية.... سبب استهداف الشرطة لهم راجعة إلى النظرة النمطية للسود التي رسمها الإعلام عن الأسود أو السوداء، باعتبارهم كائنات عنيفة تتاجر في المخدرات أو أعضاء في عصابات مسلحة، والسبب الثاني يتمثل في رفضهم للسلوك العنصري الممارس ضدهم،  ذلك ما زاد من حوادث القتل بحق السود.


بجانب الاستهداف القائم علي اللون والهوية للسود، فيروس كورونا اليوم كشف العنصرية الهيكلية المتأصلة في نتائج الصحة العامة الأمريكية، حيث إتخذ الوباء مسار أشد فتكاً في الأحیاء الفقیرة الكثیفة التي يسكن فيها السود ، وفقًا لوكالة "أسوشييتد بريس"، البيانات التفصيلية لحالات فيروس الكورونا المؤكدة في الولايات المتحدة الأمريكية. الموثق عددها ١٫٢٩ مليون حالة، تم تصنيف منها 43٪ على أساس عرقي، هذا بسبب عدم امتلاك الأمريكان ذو الأصول  أفريقية القدرة، على العمل من المنزل، إذ يمثلون نسبة كبيرة من هيئات التمريض، عمال الأغذية والنظافة، وسائقي الحافلات، والميكانيكيين، وعمال المصانع، وعمال نقل البضائع، وذلك يلزمهم على زيادة استخدام المواصلات العامّة، مما يزيد من خطر تعرضهم لفيروس الكورونا. من المرجح أن تعاني مجتمعات الأقليات وذات الدخل المنخفض من انعدام التأمين الغذائي، والذي يرتبط بارتفاع معدلات السمنة ومرض القلب والضغط والسكري، وقد تركت عقود من الفصل وسياسات الإسكان التمييزية وضعف حماية البيئة، العديد من الأمريكيين من أصول افريقية في مساكن دون المستوى وذات كثافة سكانية عالية (حيث يكون التباعد الاجتماعي أصعب بكثير) أو مناطق ذات نسبة أعلى من تلوث الهواء، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الصدرية. ينعكس ذلك على مستوى الخدمات الصحية المقدمة، فمناطق الأميركيين الأفارقة تعاني من قلة المستشفيات والأطباء، وضعف مستوى الوحدات الصحية الموجودة. وتعزى هذه الأزمة الصحية إلى ارتفاع معدلات وفيات النساء الأمريكيات من أصل إفريقي، اللواتي يقضين نحبهُن أثناء الولادة، أو في غضون عام من انتهائه. وتموت الأمهات السوداوات بمعدل يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أضعاف معدل وفيات الأمهات البيضاوات بسبب تعقيدات ذات صلة بالحمل (إريكا جارنر،التي توفيت عام 2017، جراء تعقيدات ناجمة عن الولادة، بعد شهور فقط من إنجاب ابنها الثاني، إريكا أصبحت معروفة على الصعيد العالمي بعد مقتل والدها عام 2014، على يد ضابط في شرطة نيويورك، يُدعى «دانييل بنتالو». خنق والدها، الأعزل والذي لم يقدم على أي مقاومة له، لم توجَه إلي الشرطي اي تهمة، ولا يزال على رأس عمله في دائرة شرطة نيويورك) أيضا  السود أقل قدرة من البيض على التعامل مع النكسات المالية بشكل عام. لان حتي الشركات الصغيرة التي تمتلكها البرجوازية (السوداء) الصغيرة تتمتع بإمكانيات أقل للوصول إلى المقرضين الماليين التقليديين، مما يزيد من صعوبة أو استحالة الوصول إلى برامج الإغاثة المعدّة لمواجهة فيروس الكورونا، مثل برنامج حماية الراتب الذي تم صرفه الآن والبالغ 400 مليار دولار. و وفقًا لجامعة جونز هوبكنز، معدلات فحص البيض اعلي ستة أضعاف من السود باقي الأقليات العرقية التي تعيش في المناطق الفقيرة، لهذا نحن بحاجة لنفهم أن استهداف السود اليوم علي يد الشرطة أو المجموعات العنصرية أو الإصابة بالفيروسات والأوبئة في الولايات المتحدة الأمريكية ليس نتيجته المباشرة سلوكيات الجماهير وأفعالها كما يدعي الإعلام الأمريكي، بل التفاوتات الصحية والاجتماعية-الاقتصادية طويلة الأمد التي جعلت الأقليات أكثر عرضة للمخاطر من فقر وأمراض وقتل واعتقال دون محاسبة.


المصادر :

https://www.washingtonpost.com/opinions/the-killing-of-ahmaud-arbery-renews-the-question-of-whether-black-lives-matter/2020/05/07/8832e3c4-8fd5-11ea-a9c0-73b93422d691_story.html

https://www.chicagotribune.com/columns/dahleen-glanton/ct-ahmaud-arbery-shooting-white-privilege-20200507-dhzwvu6b7reslbtz5chpxhsp7i-story.html

https://www.nytimes.com/2017/10/15/us/georgia-cold-case-murder.html


https://mappingpoliceviolence.org/


https://fatalencounters.org/



https://killedbypolice.net/




تعليقات